فصل: قال القرطبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

ثم قال تعالى: {وَمَا ظَنُّ الذين يَفْتَرُونَ عَلَى الله الكذب} وهذا وإن كان في صورة الاستعلام فالمراد منه تعظيم وعيد من يفتري على الله.
وقرأ عيسى بن عمر: {وَمَا ظَنُّ} على لفظ الفعل ومعناه أي ظن ظنوه يوم القيامة وجيء به على لفظ الماضي لما ذكرنا أن أحوال القيامة وإن كانت آتية إلا أنها لما كانت واجبة الوقوع في الحكمة ولا جرم عبر الله عنها بصيغة الماضي.
ثم قال: {إِنَّ الله لَذُو فَضْلٍ عَلَى الناس} أي بإعطاء العقل وإرسال الرسل وإنزال الكتب: {ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ} فلا يستعملون العقل في التأمل في دلائل الله تعالى ولا يقبلون دعوة أنبياء الله ولا ينتفعون باستماع كتب الله.
المسألة الثالثة:
(ما) في قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا أَنزَلَ الله} فيه وجهان: أحدهما: بمعنى الذي فينتصب برأيتم والآخر أن يكون بمعنى أي في الاستفهام، فينتصب بأنزل وهو قول الزجاج، ومعنى أنزل هاهنا خلق وأنشأ كقوله: {وَأَنزَلَ لَكُمْ مّنَ الإنعام ثمانية أزواج} [الزمر: 6] وجاز أن يعبر عن الخلق بالإنزال، لأن كل ما في الأرض من رزق فما أنزل من السماء من ضرع وزرع وغيرهما، فلما كان إيجاده بالإنزال سمي إنزالًا. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {وَمَا ظَنُّ الذين يَفْتَرُونَ عَلَى الله الكذب يَوْمَ القيامة}
{يوم} منصوب على الظرف، أو بالظن؛ نحو ما ظنك زيدًا؛ والمعنى: أيحسبون أن الله لا يؤاخذهم به.
{إِنَّ الله لَذُو فَضْلٍ عَلَى الناس} أي في التأخير والإمهال. وقيل: أراد أهل مكة حين جعلهم في حَرَم آمن.
{ولكن أَكْثَرَهُمْ} يعني الكفار.
{لاَ يَشْكُرُونَ} الله على نعمه ولا في تأخير العذاب عنهم. وقيل: {لا يشكرون} لا يوحدون. اهـ.

.قال أبو حيان:

{وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}
ما استفهامية مبتدأة خبرها ظن، والمعنى: أي شي ظن المفترين يوم القيامة، أبهم الأمر على سبيل التهديد، والإبعاد يوم يكون الجزاء بالإحسان والإساءة.
ويوم منصوب بظن، ومعمول الظن قيل: تقدير ما ظنهم أّن الله فاعل بهم، أينجيهم أم يعذبهم.
وقرأ عيسى بن عمر: ما ظن جعله فعلًا ماضيًا أي أي ظن الذين يفترون، فما في موضع نصب على المصدر، وما الاستفهامية قد تنوب عن المصدر تقول: ما تضرب زيدًا تريد أي: ضرب تضرب زيدًا.
وقال الشاعر:
ماذا يغير ابنتي ريع عويلهما ** لا يرقدان ولا بؤسي لمن رقدا

وجيء بلفظ ظنّ ماضيًا لأنه كائن لا محالة فكأن قد كان، والأولى أن يكون ظن في معنى يظن، لكونه عاملًا في يوم القيامة.
وهو ظرف مستقبل، وفضله تعالى على الناس حيث أنعم عليهم ورحمهم، فأرسل إليهم الرسل، وفصل لهم الحلال والحرام، وأكثرهم لا يشكر هذه النعمة. اهـ.

.قال أبو السعود:

{وَمَا ظَنُّ الذين يَفْتَرُونَ عَلَى الله الكذب} كلامٌ مسوقٌ من قِبَله تعالى لبيان هولِ ما سيلقَونه غيرُ داخلٍ تحت القولِ المأمورِ به والتعبيرُ عنهم بالموصول في موقع الإضمارِ لقطع احتمالِ الشق الأولِ من التردد والتسجيلِ عليهم بالافتراء وزيادةِ الكذب مع أن الافتراءَ لا يكون إلا كذبًا لإظهار كمالِ قبحِ ما افتعلوا وكونِه كذبًا في اعتقادهم أيضًا، وكلمةُ (ما) استفهاميةٌ وقعت مبتدأً وظن خبرُها ومفعولاه محذوفان وقوله عز وجل: {يَوْمُ القيامة} ظرفٌ لنفس الظنِّ، أي أيُّ شيءٍ ظنُّهم في ذلك اليوم، يومَ عرضِ الأفعال والأقوالِ والمجازاة عليها مثقالًا بمثقال، والمرادُ تهويلُه وتفظيعُه بهول ما يتعلق به مما يُصنع بهم يومئذ، وقيل: هو ظرفٌ لما يتعلق به ظنُّهم اليومَ من الأمور التي ستقع يوم القيامة تنزيلًا له ولِما فيه من الأحوال لكمال وضوحِ أمرِه في التقرير والتحققِ منزلةَ المسلم عندهم أي أيُّ شيء ظنُّهم لما سيقع يوم القيامة؟ أيحسبون أنهم لا يُسألون عن افترائهم أو لا يجازون عليه أو يجازون جزاءً يسيرًا ولأجل ذلك يفعلون ما يفعلون؟ كلا إنهم لفي أشدِّ العذاب لأن معصيتَهم أشدُّ المعاصي، ومن أظلم ممن افترى على الله كذبًا، وقرئ على لفظ الماضي، أي أيُّ ظنَ ظنوا يوم القيامة؟ وإيرادُ صيغةِ الماضي لأنه كائنٌ فكأنه قد كان: {إِنَّ الله لَذُو فَضْلٍ} أي عظيم لا يُكتنه كنهُه: {عَلَى الناس} أي جميعًا حيث أنعم عليهم بالعقل المميّز بين الحقِّ والباطلِ والحسَنِ والقبيحِ ورحِمهم بإنزال الكتبِ وإرسالِ الرسلِ وبيّن لهم الأسرارَ التي لا تستقلُ العقولُ في إدراكها وأرشدهم إلى ما يُهمّهم من أمر المعاشِ والمعاد: {ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ} تلك النعمةَ الجليلةَ فلا يصرِفون قُواهم ومشاعرَهم إلى ما خُلقت له ولا يتبعون دليلَ الشرعِ فيما لا يدرك إلا به، وقد تفضل عليهم ببيان ما سيلقَوْنه يوم القيامة فلا يلتفتون إليه فيقعون فيما يقعون فهو تذييلٌ لما سبق مقرِّرٌ لمضمونه. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} كلام مسوق من جهته تعالى لبيان هول ما سيلقونه غير داخل تحت القول المأمور به، والتعبير عنهم بالموصول لقطع احتمال الشق الأول من الترديد والتسجيل عليهم بالافتراء، وزيادة الكذب مع أن الافتراء لا يكون إلا كذلك لإظهار لإظهار كمال قبح ما افتعلوا وكونه كذبًا في اعتقادهم أيضًا، و: {مَا} استفهامية مبتدأ و: {ظَنَّ} خبرها هو مصدر مضاف إلى فاعله ومفعولاه محذوفان.
وقوله سبحانه: {يَوْمُ القيامة} ظرف لنفس الظن لا بيفترون لعدم صحته معنى ولا بمقدر لأن التقدير خلاف الظاهر، أي أي شيء ظنهم في ذلك اليوم أني فاعل بهم، والمقصود التهديد والوعيد، ويدل على تعلقه بالظن قراءة عيسى ابن عمر: {وَمَا ظَنُّ} بصيغة الماضي و: {مَا} في هذه القراءة بمعنى الظن في محل نصب على المصدرية، والتعبير بالماضي لتحقق الوقوع وأكثر أحوال القيامة يعبر عنها بذلك في القرآن لما ذكر، والعمل في الظرف المستقبل لا يمنع لتصييره الفعل نصًا في الاستقبال التجوز المذكور لأنه يقدر لتحققه أيضًا ماضيًا، وقيل: الظرف متعلق بما يتعلق به ظنهم اليوم من الأمور التي ستقع يوم القيامة تنزيلًا له ولما يقع فيه من الأهوال لمكان وضوح أمره في التحقق والتقرر منزلة المسلم عندهم، أي أي شيء ظنهم لما سيقع يوم القيامة أيحسبون أنهم لا يسألون عن افترائهم أو لا يجازون عليه أو يجازون جزاءً يسيرًا ولذلك ما يفعلون يفعلون كلا إنهم لفي أشد العذاب لأن معصيتهم أشد المعاصي، والآية السابقة قيل متصلة بقوله سبحانه: {قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مّنَ السماء والأرض} [يونس: 31] إلخ كأنه قيل: حيث أقروا أنه سبحانه الرازق قل لهم أرأيتم ما أنزل الله إلخ ونقل ذلك عن أبي مسلم، وقيل: بقوله تعالى: {يا أيها الناس} [يونس: 57] إلخ، وذلك أنه جل شأنه لما وصف القررن بما وصفه وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يرغب باغتنام ما فيه عقب ذلك بذكر مخالفتهم لما جاء به وتحريمهم ما أحل، وقيل: إنها متصلة بالآيات الناعية عليهم سوء اعتقادهم كأنه سبحانه بعد أن نعى عليهم أصولهم بين بطلان فروعهم، ولعل خير الثلاثة وسطها.
{إِنَّ الله لَذُو فَضْلٍ} أي عظيم لا يقدر قدره ولا يكتنه كنهه: {عَلَى الناس} جميعًا حيث أنعم عليهم بالعقل ورحمهم بإرسال الرسل وإنزال الكتب وبين لهم ما لا تستقل عقولهم بإدراكه وأرشدهم إلى ما يهمهم من أمر المعاش والمعاد ورغبهم ورهبهم وشرح لهم الأحوال وما يلقاه الحائد عن الرشاد من الأهوال.
{ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ} ذلك الفضل فلا ينتفعون به، ولعل الجملة تذييل لما سبق مقرر لمضمونه. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}
عطف على: {جملة قل أرأيتم} [يونس: 59]، فهو كلام غير داخل في القول المأمور به، ولكنه ابتداء خطاب لجميع الناس. و: {ما} للاستفهام.
والاستفهام مستعمل في التعجيب من حالهم. والمقصود به التعريض بالمشركين ليستفيقوا من غفلتهم ويحاسبوا أنفسهم.
ولذلك كان مقتضى الظاهر أن يؤتى بضمير (هم) مضافًا إليه الظن إما ضميرَ خطاب أو غيبة.
فيقال: وما ظنكم أو وما ظنهم، فعدل عن مقتضى الظاهر إلى الإتيان بالموصول بالصلة المختصة بهم للتنبيه على أن الترْديد بين أن يكون الله أذن لهم فيما حرَّموه وبين أن يكونوا مفترين عليه قد انحصر في القسم الثاني، وهو كونهم مفترين إذ لا مساغ لهم في ادعاء أنه أذن لهم، فإذ تعين أنهم مفترون فقد صار الافتراء حالهم المختص بهم.
وفي الموصول إيذان بعلة التعجيب من ظنهم بأنفسهم يوم القيامة.
وحذف مفعولا الظن لقصد تعميم ما يصلح له، أي ما ظنهم بحالهم وبجزائهم وبأنفسهم.
وانتصب: {الكذبَ} على المفعول المطلق، واللام فيه لتعريف الجنس، كأنه قيل كذبًا، ولكنه عرف لتفظيع أمره، أي هو الكذب المعروف عند الناس المستقبح في العقول.
و: {يوم القيامة} منصوب على الظرفية وعامله الظن، أي ما هو ظنهم في ذلك اليوم أي إذا رأوا الغضب عليهم يومئذٍ ماذا يكون ظنهم أنهم لاقون، وهذا تهويل.
وجملة: {إن الله لذو فضل على الناس} تذييل للكلام المفتتح بقوله: {يا أيها الناس قد جاءتكم موْعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور} [يونس: 57].
وفيه قطع لعذر المشركين، وتسجيل عليهم بالتمرد بأن الله تفضل عليهم بالرزق والموعظة والإرشاد فقابلوا ذلك بالكفر دون الشكر وجعلوا رزقهم أنهم يكذبون في حين قابله المؤمنون بالفرح والشكر فانتفعوا به في الدنيا والآخرة. اهـ.

.قال الشعراوي:

{وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}
وهذه الآية توضح أن كل أمر بحساب، فالذين يفترون على الله الكذب سيجدون حسابهم يوم القيامة عسيرًا، فالحق سبحانه منزّه عن الغفلة، ولو ظنوا أنه لا توجد آخرة ولن يوجد حساب، فهم يخطئون الظن.
ولو استحضروا ما أعدَّه الله لهم من العذاب والنكال يوم القيامة لما فعلوا ذلك، ولكنهم كالظَّان بأن الله سبحانه وتعالى غافل عن أفعالهم، وكأنها أفعال لا حساب عليها، ولا كتابة لها، ولا رقيب يحسبها:
ثم يقول الحق سبحانه: {إِنَّ الله لَذُو فَضْلٍ عَلَى الناس ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ} [يونس: 60].
إن الله سبحانه متفضِّل على كل خَلْقه وأنتم منهم بأشياء كثيرة؛ فلم تحرمون أنفسكم من هذا الفضل؟! ولو شكرتم الله تعالى على هذال التفضل لزاد من عطائكم، لكنكم تنسون الشكر. اهـ.

.قال ابن عطية في الآيتين:

{قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا} هذه المخاطبة لكفار العرب الذين جعلوا البحائر والسوائب والنصيب من الحرث والأنعام وغير ذلك مما لم يأذن الله به، وإنما اختلقوه بأمرهم، وقوله تعالى: {أنزل} لفظة فيها تجوز، وإنزال الرزق، إما أن يكون في ضمن إنزال المطر بالمآل، أو نزول الأمر به الذي هو ظهور الأثر في المخلوق منه المخترع، ثم أمر الله نبيه بتوقيفهم على أحد القسمين، وهو لا يمكنهم ادعاء إذن الله تعالى في ذلك، فلم يبق إلا أنهم افتروه، وهذه الآية نحو قوله تعالى: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده} [الأعراف: 32]، ذكر ذلك الطبري عن ابن عباس، وقوله: {وما ظن الذين يفترون على الله} الآية، وعيد، لما تحقق عليهم، بتقسيم الآية التي قبلها، أنهم مفترون على الله، عظم في هذه الآية جرم الافتراء، أي ظنهم في غاية الرداءة بحسب سوء أفعالهم، ثم ثنى بإيجاب الفضل على الناس في الإمهال لهم مع الافتراء والعصيان: والإمهال داعية إلى التوبة والإنابة، ثم استدرك ذكر من لا يرى حق الإمهال ولا يشكره ولا يبادر به فيه على جهة الذم لهم، والآية بعد هذا تعم جميع فضل الله وجميع تقصير الخلق في شكره، لا رب غيره. اهـ.

.قال نظام الدين النيسابوري في الآيات السابقة:

{وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ (42)} إلى قوله تعالى: {وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ (60)}
التفسير:
إن الإنسان إذا قوي بغضه لإنسان خر وعظمت نفرته عنه صارت نفسه متوجهة إلى طلب مقابحه في كلامه معرضة عن جهات محاسنه فيه، وكما أن الصمم في الأذن معنى ينافي حصول إدراك الصوت، والعمى في العين أمر ينافي حصول إدراك الصورة، فكذلك حصول هذا البغض الشديد يضاد وقوف الإنسان على محاسن من يعاديه، فبين الله سبحانه في أولئك الكفار من بلغت حاله في النفرة والعداوة إلى هذا الحد: {يستمعون إليك} إذا قرأت القرآن وعلمت الشرائع ولكنهم لا يسمعون ولا يقبلون وينظرون إليك يعاينون أدلة الصدق وأعلام النبوة ولكنهم لا يتبصرون ولا يصدقون. قال أهل المعاني: المستمع إلى القرآن كالمستمع إلى النبي صلى الله عليه وسلم بخلاف النظر. فكان في المستمعين كثرة فجمع ليطابق اللفظ المعنى ووحد النظر حملًا على اللفظ إذ لم يكثروا كثرتهم. ثم قال: أتطمع أن تقدر على إسماع الصم ولو انضم إلى صممهم عدم عقولهم، أو تقدر على هداية العمي ولاسيما إذا قرن بفقد البصر فقد البصيرة، إنما يقدر على ردهم إلى حالة الكمال خالق القدر والقوى وحده. وهذا الحصر إنما يفهم من قوله: {أفأنت}. والمقصود من هذا الكلام تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم فإن الطبيب إذا رأى مريضًا لا يقبل العلاج أصلًا أعرض عنه ولم يستوحش من ذلك لأن التقصير من المزاج لا من الصنعة والحذق. ثم أكد عدم قابليتهم في الفطرة مع إشارة إلى ما يلحقهم من الوعيد يوم القيامة بقوله: {إن الله لا يظلم} الآية.